الإنسان الوديع هو الإنسان الطيب المسالم.
وكثير من الناس يستخدمون صفة (الطيب) بدلًا من صفة (الوديع). وهو بهذا يكون إنسانًا هادئًا بعيدًا عن العنف.
هو إنسان هادئ في كل شيء.
الوديع هادئ في طبعه، هادئ الأعصاب، هادئ الألفاظ، هادئ الملامح،، هادئ الحركات. الهدوء يشمله كله داخليًا وخارجيًا. فهو هادئ في قلبه ومشاعره، وهو هادئ في تعامله مع الآخرين.. هو إنسان حليم. كما قيل عن موسى النبي “وكان الرجل موسى حليمًا جدًا، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض” (عد 12: 3).
وهدوء الوديع يكون في صوته أيضًا.
فهو يبعد عن الصوت العالي، وعن الصوت الحاد. لا يكون شديد الألفاظ ولا شديد اللهجة. وقد قيل عن إلهنا الوديع، حينما قابل إيليا النبي، أثناء هرب إيليا من الملكة الظالمة إيزابل: هبت عاصفة شديدة، ولم يكن الرب في العاصفة. ثم زلزلة، ولم يكن الرب في الزلزلة. ثم نار، ولم يكن الرب في النار. ثم إذا “صوت منخفض خفيف” (1 مل 19: 11-13)، وكان الرب يتكلم. فقال له “مالك ههنا يا إيليًا؟” هذا الصوت المنخفض الخفيف هو بعض ما يتصف به الوديع.
* ولذلك قيل عن السيد المسيح في وداعته:
“لا يخاصم ولا يصيح. ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ” (مت 12: 19، 20).
هكذا يكون الوديع، بعيدًا عن الصخب والضوضاء. لا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته.. حينما يتكلم يتصف كلامه بالهدوء واللطف، كأنما قد اختار كل ألفاظه، بكل دماثة وأدب. لا يجرح بها شعور أحد، مهما كانت صفته. حتى إن كان أمم “فتيلة مدخنة” لا يطفئها.. ربما تمر عليها ريح فتشعلها..
يعمل كل ذلك: لا عن ضعف، وإنما عن لطف.
الإنسان الوديع بعيد عن العنف وعن الغضب.
هو إنسان هادئ، لا يثور ولا يثار. لا يغضب بسرعة ولا ببطء. ولا ينفعل الانفعالات الشديدة، ولا تغلبه النرفزة (العصبية)، لأنه باستمرار هادئ، في أعصابه وفي ملامحه، التي تتصف بالطيبة والبشاشة. إنه لا ينتقم لنفسه. ولا يحل مشاكله بالعنف. بل إن أساء أحد إليه، يقابل ذلك بالاحتمال والصبر.
انظروا كيف قيل عن السيد المسيح أثناء محاكمته وقيادته للصلب: كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها. فلم يفتح فاه” (أش 53: 7). وكما قال بولس الرسول عن نفسه وعن زملائه في الخدمة: نشتم فنبارك. نضطهد فنحتمل. يفترى علينا فنعظ” (1كو 4: 12، 13).
الإنسان الوديع لا يقيم نفسه رقيبًا على الناس.
لا يقيم نفسه قاضيًا، ولا يتدخل في أعمال غيره. لا يعطى نفسه سلطة مراقبة الآخرين والحكم على أعمالهم. لا يدين أحدًا، ولا يحكم على أحد. وإن اضطرته الضرورة إلى الحكم، لا يقسو في أحكامه.
وقد يغلبه الحياء، فلا يرفع بصره ليملأ عينيه من وجه إنسان.
لا يفحص ملامح شخص، ليحكم منها على مشاعره ماذا تكون.. أو ما مدى صدقه في كلامه. إن حورب بذلك يقول لنفسه “وأنا مالي. خليني في حالي”. هو بطبيعته الوديعة لا يميل إلى فحص أعمال الناس.
وإن تدخل في الإصلاح بهدوء ووداعة ورقة.
مقالات أخرى
عيد الميلاد المجيد – رسالة من السماء
2024 – عام الإيمان
في عيد الشهدا