كنيستا السيدة العذراء والأنبا بيشوي والسيدة العذراء والأنبا رويس

"مساكنك محبوبة يا رب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب" (مز 83: 1)

عظمة السيدة العذراء

عظمة العذراء قررها مجمع أفسس المسكوني المقدس، الذي انعقد سنة 431 م. بحضور مائتين من أساقفة العالم، ووضع مقدمة قانون الإيمان التي ورد فيها: “نعظمك يا أم النور الحقيقي، ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله، لأنك ولدت لنا مخلص العالم، أتى وخلص نفوسنا”: فعلى أية الأسس وضع المجمع المسكوني هذه المقدمة؟ كما ورد في تسبحتها…

“هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني” (لو1: 46).

والعذراء تلقبها الكنيسة بالملكة وفي ذلك أشار عنها المزمور (45: 9) “قامت الملكة عن يمين الملك”…

ولذلك فإن كثيرًا من الفنانين، حينما يرسمون صورة العذراء يضعون تاجًا على رأسها، وتبدو في الصورة عن يمين السيد المسيح

ويبدو تبجيل العذراء في تحية الملاك جبرائيل لها “السلام لك أيتها الممتلئة نعمة. الرب معك. مباركة أنت في النساء” (لو1 : 28 أي ببركة خاصة، شهدت بها أيضًا القديسة أليصابات، التي صرخت بصوت عظيم وقالت لها مباركة أنت في النساء، ومباركة هي ثمرة بطنك” (لو1: 42).

أمام عظمة العذراء تصاغرت القديسة أليصابات في عيني نفسها، وقالت في شعور بعدم الاستحقاق. مع أن أليصابات كانت تعرف أن ابنها سيكون عظيمًا أمام الرب، وأنه يأتي بروح إيليا وقوته (لو1: 15، 17).

“من أين لي أن تأتي أم ربي إلىّ” (لو1: 43).

ولعل من أوضح الأدلة على عظمة العذراء، ومكانتها لدى الرب، أنه بمجرد وصول سلامها إلى أليصابات، امتلأت أليصابات من الروح القدس، وأحس جنينها فارتكض بابتهاج في بطنها. وفي ذلك يقول الوحي الإلهي:

“فلما سمعت أليصابات سلام مريم، ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت أليصابات من الروح القدس” (لو1: 41).

إنها حقًا عظمة مذهلة، أن مجرد سلامها يجعل أليصابات تمتلئ من الروح القدس! مَنْ من القديسين، تسبب سلامه في أن يمتلئ غيره من الروح القدس؟! ولكن هوذا أليصابات تشهد وتقول “هوذا حين صار صوت سلامك في أذني، ارتكض الجنين بابتهاج في بطني”.

امتلأت أليصابات من الروح القدس بسلام مريم، وأيضًا نالت موهبة النبوة والكشف

فعرفت أن هذه هي أم ربها، وأنها “آمنت بما قيل لها من قبل الرب” كما عرفت أن ارتكاض الجنين، كان عن “ابتهاج”. وهذا الابتهاج طبعًا بسبب المبارك الذي في بطن العذراء “مباركة هي ثمرة بطنك” (لو1: 41-45) عظمة العذراء تتجلى في اختيار الرب لها، من بين كل نساء العالم…

الإنسانة الوحيدة التي انتظر التدبير الإلهي آلاف السنين، حتى وجدها، ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم الذي شرحه الملاك جبرائيل بقوله “الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك. فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله” (لو1: 35).

العذراء في عظمتها، تفوق جميع النساء:

لهذا قال عنها الوحي الإلهي “بنات كثيرات عملن فضلًا. أما أنت ففقت عليهن جميعًا” (أم31: 39). ولعله من هذا النص الإلهي، أخذت مديحة الكنيسة “نساء كثيرات نلن كرامات. ولم تنل مثلك واحدة منهن”…

هذه العذراء القديسة، كانت في فكر الله وفي تدبيره، منذ البدء.

ففي الخلاص الذي وعد به أبوينا الأولين، قال لهما إن “نسل المرأة يسحق رأس الحية” (تك3: 15). هذه المرأة هي العذراء، ونسلها هو المسيح، الذي سحق رأس الحية، على الصليب