كنيستا السيدة العذراء والأنبا بيشوي والسيدة العذراء والأنبا رويس

"مساكنك محبوبة يا رب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب" (مز 83: 1)

عيد الصعود

يا لعمق حكمة الله وعلمه!! يا لِغِنى التدبير الإلهي!! كيف إن ما يليق بالله المتعالي العظيم تجده في الأشياء المنفقة مع التدبير الإلهي. لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه أسمًا فوق كل أسم» (فى 2: 9).

أطاع حتى الموت، وتحمل موت الصليب. صلب وتألم حسب الجسد، «الذي إذ كان في صورة الله.. أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس» (في 2: 6-7) بتأنسه.

معنى عبارة «أخذ شكل العبد» أنه حسب معنا نحن الذين نخضع لحاجة الجسد، وقد بذل ذاته فداء عنا لخلاص البشر

وتوجد حالات يصنع فيها الله معجزات مختلفة تفوق الطبيعة، لكنها مع ذلك لا تكون ضد كلماته. فكيف إذن من يقول: «من مشرق الشمس إلى مغربها أسم الرب مسبح» (مز 113: 3)، ويقول أيضًا على لسان نبي آخر: «أنا الرب هذا أسمى ومجدي لا أعطيه لآخر» (اش 42: 8)، كيف يعطى أسمًا فوق كل أسم لغير الله الكلمة؟

وهو سيد الكون، أعطاه لأجلنا نحن الذين تعود علينا هذه العطية، ولنا أيضًا جعل نفسه باكورة. ولو لم يكن هو نفسه بالجوهر إنسان وإله، بل كانت له طبيعتان، كما يزعم النسطوريون الجهلاء، لما كان ممكنًا أن يعطى الاسم «الذي هو فوق كل أسم».

وفى الواقع يستطيع الله أن يفعل كل ما يريد. لكنه لا يريد سوى ما هو جدير، وما كان جديرًا باسمه شيء غير منظم لأن الذي أبدع الترتيب فيما هو موجود، لا يمكن أن يريد شيئًا غير مرتب. لأنه كما أنه قدير، أو كل القدرة ذاتها، فهو أيضًا الترتيب ذاته والانتظام.

إن بولس الرسول يقول عنه: «رفع في المجد» (1تى 3: 16) ويقول أيضًا: «الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل» (أف 4: 10).

فمن يتجاسر بعد سماع هذه الكلمات أن يقسم الرب الإله الوحيد يسوع المسيح؟ إذا كان الذي نزل هو أيضًا ذاته الذي صعد فوق كل السموات حتى الشرف الرفيع اللائق بالله، فكيف يؤمنون أنه اثنان وليس واحدًا؟

لهذا السبب إذا كان يقول هو نفسه إلى نيقوديموس في الأناجيل: «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء». (يو 3: 13) فإن ذلك الذي تجسد من والدة الإله مريم هو ذاته كلمة الله الكائن قبل الدهور، الكائن في السموات الذي يملأ الكل. وهذا لا يخالف قول بولس الرسول: «يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الآبد» (عب 13: 8).

ومع ذلك كان اليهود الذين يعلمون آراء كآراء الضلالة النسطورية وهم خصوم عميان، عندما كان الرب يسوع يصرخ: «أنا هو الخبز الذي نزل من السماء (يو 6: 4) كانوا يصرخون ضده مجدفين قائلين: «أليس هدا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون بأبيه وأمه، فكيف يقول هذا إني نزلت من السماء» (يو 6: 42).

والمسيح الذي يعلم أفضل من اليهود ومن النسطوريين أنه واحد وهو ذاته لا ينقسم إلى طبيعتين بعد الإتحاد، والذي كان يرى أيضًا أن بعض المتصلين به شكوا فيما قاله بشأن الخبز وترددوا كان يقول منهما: «أهذا يعثركم. فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدًا إلى حيث كان أولًا» (يو 6: 62-63).

فإذا كان يملأ الكل، فكيف إذًا يقول: صعد أيضًا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل» (أف 4: 10)؟

.