كنيستا السيدة العذراء والأنبا بيشوي والسيدة العذراء والأنبا رويس

"مساكنك محبوبة يا رب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب" (مز 83: 1)

ماذا تعلمت في هذا اليوم؟ (9) – “ليلة الخميس – المقارنة الكبرى”

أسبوع الآلآم 202م - "الكنيسة التي في بيتك"

مازلنا نتأمل في المقارنة الكبرى… ليلة الخميس… مازال ربنا يسوع في بيت عنيا مثل الخروف المعد للذبح كأنه تحت الحفظ… شتان بين ما كان يخطط له السيد المسيح وبين ما كان يخطط اليهود، وما كان يخطط يهوذا!… انها المقارنة الكبرى التى تحدث معنا كل يوم في حياتنا الخاصة… مقارنة بين محبة الله اللانهائية وما يعده لنا الرب من بركات ونعم، وبين ما ننوى نحن أن نفعله (راجع نبوات وأناجيل ليلة الخميس)… كان اليهود يفكرون في أمرين.. يعدون أنفسهم للفصح، وكانوا أبعد ما يكون عن الاستعداد الحقيقي لهذا العيد الكبير الذي يتذكرون فيه عمل الله معهم والمفروض أن يروا فيه اشارات واضحة على ذبيحة الصليب… والأمر الثاني وهو عجيب. أنهم يتحينون الفرصة لكي يقتلوا المسيح ويتشاوروا على ذلك، وتبدأ المؤامرات والدسائس والإلتفاف حول الحقائق وجلب شهود زور وتلصيق التهم الدينية والسياسية، ولا مانع في بعض المغالطات كإحتمائهم في الرومان وإعتبار قيصر أنه ملكهم – تخطيط محكم للوصول لغايتهم “الذين تفكروا بالظلم في قلبهم، النهار كله كانوا يستعدون للقتال” (مزمور أنجيل السادسة)… وعلى النقيض، ماذا يفعل مخلصنا؟! يجهز نفسه لأمور هامة جداً… ينكر ذاته – لا يهتم سوى بخلاصنا – يعطينا تعليماً عن الملكوت – يفاجئنا بتقديم جسده ودمه يوم الخميس (اليوم التالي)! – يبدأ تسليم نفسه بإرادته!!… هناك مقارنة عجيبة بين ترتيب الله لنا وبين أفعالنا… كما كتب مثلث الرحمات الأنبا يوأنس أسقف الغربية في كتاب بستان الروح (جزء1) عن سر التناول ومشاعرنا ليلة التناول: “تأمل في محبة الله الفائقة… إن محبة السيد المسيح تتضح بجلاء إذا تأملنا الظروف التي أسس فيها هذا السر. لقد أسسه في الوقت الذي كان الناس يتكتلون ضده، ويحيكون المؤامرات للتخلص منه بموتة شنيعة. ففي الوقت الذي كان الناس يهيئون فيه وسائل موته، كان هو منشغلاً بإظهار آيات حبه بإعطائهم قوت الحياة! في الوقت الذي كان النجار يصنع صليبه، والحداد يعد المسامير التي ستخترق جسده المقدس، والحاقدون يجمعون أقسى أنواع الشوك ليغرس في جبينه الطاهر.. في ذلك الوقت عينه كان يسوع يعد البشر بقوت الحياة الذي هو جسده!!”.. حقاً كلماً تأملنا عمل الرب معنا مقارنة بجحودنا، كلما نوقن محبة الله الفائقة لنا، ونزداد حباً في الرب يسوع… كلما إزداد المكان إتساخاً، كلما تظهر قوة النور على إختراق الأوساخ وتطهيرها حينما تدخلها آشعة الشمس.. “حيث كثرت الخطية إزدادت النعمة جدا” (رو 5: 20) – راجع أنجيل الثالثة – سكب الطيب… “والذي يغفر له قليل يحب قليلاً” (لو 7: 47)… مقارنات كبرى بين عمل الله معنا وبين رد فعلنا – “أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي. فمن أجل أي عمل ترجمونني؟” (يوحنا – أنجيل التاسعة)… فلنغتنم الفرصة.. نفس الكلام ينطبق على يهوذا الاسخريوطي… السيد المسيح يهتم بخلاصه شخصياُ (وكلما اقتربنا من الصليب، كلما زاد الاهتمام به)، وهو في هذه الليلة قد أتم الاتفاق وبدء هو أيضاً في تنفيذ خطته!… “كلامه ألين من الدهن وهو نصال” (مزمور أنجيل الثالثة – لحن أفتشنون) إذا راجعنا أنفسنا سنجد أننا في نفس الموقف، ولكن الأهم أننا سنزداد حباً لفادينا، ونتشجع أكثر في توبتنا… لأننا ندرك كم نحتاج أكثر لهذا المخلص الذي يعاملنا حسب أمانته هو… “أنا قد جئت نوراً للعالم، حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة” (يوحنا – أنجيل الحادية عشر)