كنيستا السيدة العذراء والأنبا بيشوي والسيدة العذراء والأنبا رويس

"مساكنك محبوبة يا رب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب" (مز 83: 1)

الخادم أيمن صليب… علمتنا

أ. أيمن صليب رجل التسبيح

“اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم” (عب 13 : 7)

كما أن وجود جمرة واحدة ملتهبة قادرة علي إشعال الشورية بكل الفحم المنطفئ في داخلها، هكذا هي حياة التكريس القلبي لخادم واحد، قادرة أن ترشد الكثيرين، ورائحة حياته العطرة تبقي في وجدان أولاده بالروح إلى الأبد.

هكذا تتمتع كنيستنا بخدام من طراز فريد، خدام انطبع فيهم صورة المسيح فأصبحوا خدام بلقب قديسين. تمتعنا بعشرتهم المقدسة وتعلمنا من حياتهم ومواقفهم وصلاتهم .

كل من خدم وتعامل مع أ. أيمن صليب يستطيع أن يشعر الآن كم كانت خدمته معه بركة ممزوجة بالتمتع، فهو إنسان روحاني بشكل عميق، شخصية مميزة تحمل التعليم بالقدوة والمواقف “وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات” (مت 5 : 19)

علمتنا يا أ. أيمن عشق القداسات

يحكي لنا أحد الخدام قائلا : أتذكر جيدا انه في قداس يوم جمعة من أيام الصوم الكبير، وكنا في قداس الأطفال صباحًا، وكنت اشترك معه في الألحان والمردات، وعند التناول لاحظت أنه لم يتقدم مع الشمامسة للتناول، ظننت أنه انشغل في ألحان التوزيع، فسألته، كان السبب عجيب، أنه سيصلي القداس المتأخر في نفس اليوم ويتناول فيه !!، تعجبت جدا من حبه للقداس وأمانته في خدمة الشماسية، يحضر للكنيسة قبل السابعة صباحًا ليخدم كقائد للشمامسة في القداس، ولا يتناول لكي يخدم مرة أخرى ويصلي القداس ظهرًا ويتناول فيه!!!

ألم يشعر بالملل؟! أو يكتفي بواحد فقط!؟ أو حتى يأتي للقداس الأول متأخرًا!؟، لكنه رجل صلاة وتسبيح لدرجة صلاته قداسين كاملين في نفس اليوم!!! والأعجب أنه كان يفعل هذا كل أيام الجمعة طوال فترة الصوم الكبير !!!

يحكي لنا معلم الكنيسه أنه قال له ذات يوم كلها سنوات قليلة (يقصد بعد سن المعاش)، وأتفرغ للخدمة، وأشارك معكم في جدول القداسات!! يا لها من اشتياقات مقدسة للصلاة، والحياة في معية المسيح والتمتع بصلوات القداس!

علمتنا يا أ. أيمن عشق الألحان

أحببت الصلاة والتسبيح بكل قلبك، كان يسبح الألحان بكل جوارحه، ويعرف جيدا معني كلمة (كل جوارحه)، كل من وقف بجانبه يوما وهو يسبح، فيتقن الألحان عن ظهر قلب، ويرددها بكل حب وتمتع، مشاعره أثناء اللحن كلها واضحة، بلا مبالغة كان يحفظ تقريبا كل ألحان المناسبات بكل طقوس الكنيسة وأعيادها.

بالحقيقة كان يصلي الألحان من كل قلبه، كان يصلي بالروح ويصلي بالذهن أيضًا.

يحكي لنا أحد الخدام الاصغر منه سنا انه حفظ لحن لم يكن أ. أيمن يعرفه، فطلب منه أن يسجله له بصوته حتي يحفظه في تواضع وتلقائية مذهلة، حتي أنه كان من فتره لأخري يفتخر بهذا التسجيل!

علمتنا يا أ. أيمن معني التواضع الحقيقي

فعلى الرغم من حفظه وإتقانه للألحان الكنسية؛ إلا أنه لم يتفاخر أبدا بإمكانياته وتميزه في حفظ الألحان، وقدرته على قيادة خورس الشمامسة، بل بالعكس كان يمتاز بإتضاع شديد جدا.

كان يحترم الكل كبارًا وصغارًا، بلا تعالي ولا ذات تمامًا، يوقر الأباء الكهنة جدًا، ويحترم أخوته الشمامسة حتى الأصغر منه في السن، ويحب مرتلي الكنيسة حب شخصي بكل تقدير واحترام، لم يشعُر أبدًا ولم يُشعِر أي إنسان أنه الأكبر أو انه يجب أن يطاع أو ينال أي شكل من أشكال الكرامة، لكنه تشبه بسيده “لأن من هو أكبر: ألذي يتكئ أم الذي يخدم؟ أليس الذي يتكئ؟ ولكني أنا بينكم كالذي يخدم” (لو 22 : 27).

كل من يقترب منه يتعلم درس عملي في كيف يكون التواضع الحقيقي، لمسنا منه احترام للكل، احترام شديد لكل أمين في مسئوليته؛ حتى ولو كان أصغر منه سنًا، بل ومن أولاده في الخدمة!!

لا يجد مشكلة على الإطلاق أن يسأل من هم أصغر منه في أمور روحية أو كتابية !!، مع أنه الأكثر علمًا ودراسة ومعرفة كتابية، ولكنه لا يشعر في داخله بذلك، في إنكار ذات يسأل ويتعلم وهو الأكثر معرفة ودراسة كنسية وروحية.

فقد أريتنا يا أ. أيمن معني نقاوة وبساطة الأطفال

كنت تمتلك قلب طفل صغير في النقاوة والبساطة، لا يخاصم ولا يصيح ولا يختلف مع إنسان، صانع سلام لا نذكر أبدًا أنه اختلف أو اصطدم بأحد، ولا يقبل المنازعات وأي شئ يعكر المحبة، محب للكل، ولذلك أحبه الكل لبساطته، وعدم سعيه لأي رغبات شخصية في الخدمة.

محبته نابعة من قلب نقي، ينظر بعين نقية لا يدين ولا يركز على ضعفات الآخرين “طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله” (مت 5 : 8)

صلواته كانت عميقة وبسيطة، حين كنا نجتمع في اجتماعات صلاة للخدام، كان يصلي بقلب طفل صغير نقي، يتشفع بعدد كبير جدًا من القديسين يذكر أسمائهم بكل حب، على سبيل المثال نتذكر انه حين يتشفع بالملاك ميخائيل فيقول: رئيس الملائكة الجليل ميخائيل، بكل حب وإجلال، والآن هو يتمتع بشركة القديسين الذين أحبهم واقترب منهم.

علمتنا يا أ. أيمن كيف تكون الأمانة والجهاد

يحكي لنا احد الأباء أنه من فترة قريبة اتصل به يسأله بكل بساطة وطيبة واهتمام: كيف يمكن أن نقرأ اصحاحين عهد قديم واصحاحين عهد جديد يوميًا!؟ (حسب ورقة قراءة الكتاب المقدس كامل في سنة، والتي قامت الكنيسة بإرسالها)، وكان تعليقه انكم ترسلون عظات التفاسير يوميا، فبذلك يجب أن نستمع لتفاسير أربعة إصحاحات كل يوم !!، كان أمينًا جدًا في الإلتزام بما يتم إرساله من عظات على صفحة الكنيسة!، ويعتبرها إلتزام عليه بالقراءة والدراسة بكل أمانة وتدقيق.

لسنين كان هو الخادم المسئول في أسرة الرسل (إعدادي أولاد) يوميا عن إرسال القراءات اليومية بتفسيرها!

في خدمته بمدارس الأحد كان يهتم جدًا بتحضير كل الدروس، مواظبًا على الخدمة الشماسية مع أولاده المخدومين، مواظب على افتقاد أولاده وافتقاد الخدام المسئول عنهم، يتعب من أجل كل إنسان ويبذل نفسه في الخدمة.

كان أمينًا جدًا في كل شئ، خادم أمين وشماس أمين وأب أمين في أسرته، وأمين في علاقاته وتعاملاته.
نعم كان أمينًا إلى النفس الأخير، فاستحق أن يسمع الصوت الإلهي “نعمًا أيها العبد الصالح الأمين كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك” (مت 25 : 23)

أخوتك خدام أسرة الرسل
16 مارس 2021