كنيستا السيدة العذراء والأنبا بيشوي والسيدة العذراء والأنبا رويس

"مساكنك محبوبة يا رب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب" (مز 83: 1)

ليست مشيئة الله أن يهلك أحداً

الأب المحب لأولاده لا يهدأ له بال إن ضل واحد منهم وابتعد عن بيته، يظل يبحث عنه ويفتش باجتهاد ليعيده إلى حضنه، أما الابن الهارب من حب أبيه، فهو حاسبا وصاياه قيودا!، ظانا في بيته سجنا! هذا الأب الحنون ولو كان له عدد كبير من الأولاد، إلا أنه لا يمكن أن يتنازل عن أحدهم، بدعوى أنه له غيره الكثير من الأبناء!!!، فكل ابن منهم يحمل صورة أبيه، له مكانة خاصة في بيته وحضنه وداخل قلبه، لا نتعجب أن نرى الأب محبا شفوقا حانيا تجاه أولاده، ولا نلومه أن رأيناه مؤدبا لمن يسلك سلوكا يضره ويهدد حياته، فهو نفس الأب في الحالتين ..المحب الحنون، والمؤدب الشافي.

وإن اضطر هذا الأب لاستخدام الحزم والشدة من أجل رجوع من يبعد ويتمادى في الخطأ، فلم يكن أبدا قاسيا، بل وهو ممسكا بسوط التأديب إلا أنه من شدة حنوه يتألم لآلام أولاده الذين لجأ لتأديبهم من أجل تهذيبهم، وأيضا ليكونوا في أفضل حال.

هكذا هو حال هذا الأب البار، كلما لجأ للتأديب كان أكثر حنوا وشفقة، فهو الذي يبذل نفسه عن أولاده، يسهر لأجلهم، يتألم لآلامهم، ويبكي طالبا رجوعهم إذا ابتعدوا، لا يتأخر أبدا عن نجدتهم من الأعداء المحيطين، يقدم لهم كل سبل الحماية، ولكنه مع كل ذلك يحترم حرياتهم ورغباتهم، ولا يجبرهم على العيش معه رغما عنهم!!

ليتك يا أبي السماوي تنتشل كل أولادك من براثن العدو، اعرف قلبك المحب وكم يتمزق من أجل ابتعادنا وجحودنا، ستظل مشيئتك مملوءة قداسة وحكمة، يا ليت خليقتك تدرك مدى ألمك وأنت تسمح لها بالضيق لتعود إلى حضنك وتتعرف على حبك، فتأديبك هو حب، فأي ابن لا يؤدبه أبوه !!

هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ” متى ١٨: ٤