هناك أحداث كثيرة في هذا اليوم الكبير لكن لعل أعظمها هو أن الرب يسوع لنا أسس لنا أعظم سر في الكنيسة وهو سر التناول… وفاجأ تلاميذه بعد الفصح اليهودي بعهد جديد، ليس هو مثل العهد القديم الذي فيه دم تيوس وعجول… لكن اليوم عندنا عهد جديد بدم المسيح! (راجع أنجيل قداس خميس العهد) فما أعظمها عطية… “هذا هو يوم التقدم إلي المائدة الرهيبة” (طرح باكر)… نحتاج أن نتأمل كل يوم في هذا الحب العظيم وهذا الدم الكريم الذي نلنا التأهل لأن نتناوله لنثبت فيه… وننال به استحقاق الفداء المقدم على الصليب…. كل يوم نحتاج أن نتذكر أن الرب يسوع في نفس الوقت الذي كان يتألم فيه كان يعد لنا هذا السر العظيم… في هذا اليوم – يوم الخميس – تحكي لنا الكنيسة أن الخلاص بالصليب ومثاله منذ القديم، حينما هزم بني اسرائيل عماليق لما كان يرفع موسى يديه بمثال الصليب (الخروج – نبوات باكر)… وبعصا الله في يد موسى (مثال الصليب) صار الماء عذباً في البرية (الخروج – نبوات باكر)… والأكثر ذبيحة الفصح تشير إلي ذبيحة المسيح على الصليب “هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا” (لحن فاي إيطاف إنف – رفع بخور باكر الخميس الكبير)… والتي ننال استحقاقها في الافخاريستيا.. جسد ودم المسيح…
ولكن قبل أن يتناول أباؤنا الرسل من الجسد والدم، اهتم ربنا يسوع بإعطاء درسين مهمين جداً لهم، وبهذا يرسم لنا طريق التقدم إلي هذا السر العظيم!… التواضع والطهارة… استكمالاً لتواضع السيد المسيح الواضح جداً منذ أن نزل من السماء وتجسد، الآن نراه يئتزر بمئزرة كالخادم بمزيد من الإتضاع، ويغسل الأرجل، بما فيهم يهوذا الخائن! هذا هو الدرس الأول، والذي تذكرنا به الكنيسة في لقان خميس العهد(راجع صلوات وقراءات اللقان عن ماء الطهارة)… ومازال هناك إتضاعاً أعمق نراه بعد قليل في ليلة الجمعة في بداية قبوله الآلآم… هل لنا هذا الفكر وهذا السلوك أن نقبل أن يكون مكاننا عند الأرجل، وليس أرجل القديسن وانما أرجل الخطاة!… فلنتقدم إلي هذا السر العظيم بإتضاع، ونخرج بعد تناولنا متواضعين… والدرس الثاني هو الطهارة… وكالعادة حينما نضعف ونظن أننا لا نستحق الجسد والدم، نتذكر قول القديس بولس الرسول “ليمتحن الإنسان نفسه” (كورنثوس الأولى – بولس قداس الخميس الكبير).. فليس الحل أن نمتنع فقط، وانما الحل في التوبة التي تؤهلنا.. فلا نقف سلبين أمام عدم طهارتنا وانما نتأخذ من التوبة طريق للتأهل للتناول، والتمتع بالإتحاد بالمسيح…
لذلك فلنهتم قبل أن نتقدم للتناول أن نهيء قلبنا لإستقبال المسيح… مثل التلميذين الذين سألا المسيح “أين تريد أن نعد لك الفصح لتأكل” (متى – أنجيل الثالثة)… فأرشدهم الرب يسوع إلي علية.. فلنعد في قلبنا علية ونفرشها ونزينها ونعدها لأن تكون موضع راحة المخلص “المعلم يقول لك: أين موضع راحتى” (لوقا – أنجيل باكر)… هذا السؤال موجه لكل واحد منا! المكان هو قلبك ويُعد بالتوبة والإعتراف (غسل الأرجل) الذي يعطينا الطهارة.. ويُعد بالإتضاع ومصالحة الآخرين…
أنه حب عملي من الله، ولكي نفهمه، يحكيه لنا الله في قصة ذبح اسحق (التكوين – نبوات التاسعة)، ويصليها الأب الكاهن في قسمة قداس خميس العهد… “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون تكون له الحياة الأبدية.” (يوحنا 3). حيث أن اسحق يرمز إلي المسيح… “رأى يسوع أن ساعته قد جاءت، لكي ينتقل من هذا العالم ذاهباً إلي الآب، وقد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلي النهاية” (يوحنا – أنجبل لقان خميس العهد)… فلنتقدم للتناول من الجسد والدم…
مقالات أخرى
عيد الميلاد المجيد – رسالة من السماء
2024 – عام الإيمان
في عيد الشهدا